RSS Feed

هل يمكن لواشنطن أن تصبح مثل القاهرة ؟

Posted on Wednesday, March 9, 2011 in وه‌رگێڕان, عربی

هل يمكن لواشنطن أن تصبح مثل القاهرة ؟
مايكل ألبرت
11 فبراير شباط 2011

أن ترى الملايين يحتفلون فهذا شيء يرفع المعنويات . لكن أن تراهم يحتفلون ليس بنصر رياضي أو حتى بانتصار انتخابي مفاجئ , بل بتدفق هائل للمقاومة تمكن من الإطاحة بديكتاتور مكروه ( بغيض ) , كما يردد الناس في شوارع القاهرة – فإن هذا شيء يفوق الوصف – لا توجد كلمات يمكن أن تصفه .
أما الآن ماذا بعد ؟
حسنا , نحن لا نعرف النتيجة في الأيام , الأسابيع , الأشهر التالية , لكننا نعرف من هم المتنافسون .
ستطالب النخب في مصر و على امتداد العالم بما تسميه “بانتقال هادئ” الذي هو مصطلح تقني يعني , أو إذا أردت كناية عن , “أقل ما يمكن من التغيير و بالتأكيد عدم المساس ببنى المجتمع الأساسية” .
إن هدف النخب سوءا داخل مصر أو خارجها هو أن تستمر في الحصول على فوائد أكثر تواضعا أو تهذيبا مع تجنب خسائر كبيرة بسبب “إزاحة رجلها” بينما تعمل على أن تضمن ألا يقوم أي كان بأن يقف أطول مما ينبغي في البيئة الحرة الجديدة ما لم ينصب ليفعل ذلك . أو لنصوغ القضية بشكل أقل دراماتيكية فإن الهدف هو إقامة “ديمقراطية” انتخابية ذات حقوق رسمية أكثر مما في الماضي , و حتى بعض المكاسب الحقيقية فيما يتعلق بمستوى الحياة اليومية , لكن أن يبقى الأغنياء و الأقوياء يملكون كل السلطة تقريبا .
على الطرف الآخر لدينا الشعب العريض . هذا سيضم الكثيرين ممن يرغبون بالعودة إلى الاستقرار , حتى لو كان يعني استقرار سيطرة النخبة . لكنه أيضا يضم آخرين ممن يريدون تغييرا حقيقيا , بما في ذلك توزيع السلطة على الناس , لكن ممن لديهم فكرة محدودة جدا عن أي شكل يجب أو يمكن لمثل هذا التوزيع أن يأخذه . بعد هؤلاء سيكون هناك الكثير أو البعض , أو لا أحد يدري أعدادهم , ممن يملكون بعض الأفكار , ربما المتناقضة مع بعضها البعض غالبا , عما يجب أن تكون عليه مصر الجديدة .
إذن فالمجموعة الأولى , النخب , سوف تتصارع مع المجموعة 3 , أي أولئك الذين يريدون تغييرا حقيقيا . و بينهما , توجد المجموعة التي ستقرر النتيجة من خلال الطريق الذي ستميل نحوه و تقرر السير فيه .
ستستمر المعركة الأولى طالما استمر العسكر بالحكم . إذا أمكن معارضة الوصاية العسكرية , فسينتقل التركيز عندها إلى المعركة على الرئيس الجديد . إذا استمرت هاتين المعركتين باحتلال مركز المشهد لفترة طويلة , فعلى الأغلب أن المجموعة الثالثة ستكون قد هزمت , على الأقل مؤقتا . لكي تنتصر المجموعة الثالثة , فيجب عوضا عن ذلك أن تنتقل المعركة بسرعة إلى إقامة دستور جديد يتضمن تغييرات بنيوية حقيقية , أو ربما الدعوة إلى استفتاء شعبي قادر على أن يقرر تغييرات حقيقية , أو تنصيب رئيس يساري حقا قادر على الدعوة ( و الدفاع ) عن تغييرات كهذه , أو حتى أن يتولى الناس أنفسهم زمام ( مقاليد ) الأمور و أن يبدؤوا بإدارة المعامل و الأحياء ذاتيا فارضين ( محققين ) التغيير وفق خيارهم هم .
حتى الآن أظهرت مصر أن شعبا شجاعا بما يكفي يمكنه أن ينزع سلاح جهازي الجيش و الشرطة و أن يطيح بحاكم بغيض . هذه ليست رسالة صغيرة أو بسيطة . ما يمكن أن يحدث في مصر يمكن أن يحدث , إذا تشكل نفس التصميم و القناعة و الشجاعة عند الناس , في أماكن أخرى كثيرة جدا من العالم , بما في ذلك أوروبا و أمريكا الشمالية . إن المشكلة في التغيير هو أنه لا توجد بعد قوة كافية لتحقيقه . المشكلة هي في أن يثور ( ينهض ) الناس أنفسهم بدرجة كافية .
لماذا احتاجت مصر لأكثر من عقدين لتطرد ديكتاتورية وحشية و كريهة ؟ غالبا بسبب الخوف , التشكك , و خاصة الاعتقاد المكتوم بأنه لا يمكن تحقيق شيء أفضل . و الأمر هنا لا يختلف في بقية البلدان . إن القيود التي تقيدنا بظروف الاستبداد هي بشكل هائل قيود التشكك . إن الاعتقاد أنه لا يوجد بديل , أو بديل قابل للتحقق , هو ما يمنع الناس من التحرك إلى الأمام و الانتصار . إن التشكك هو أكبر عقبة أمام التغيير من أية مجموعة دبابات أو أوامر . إن الأمل المبني على العلم ( أو على المعرفة ) هو أكثر عوامل التغيير قوة من أي جمعية سرية , أو قضية أمام المحاكم أو انتخابات ما .
إذا كنا في بقية البلدان , خاصة في بلدي الولايات المتحدة , نريد أن نحتفل بانتصارات حركاتنا فعلينا أن نتغلب على التشكك . لكن لا يمكننا التغلب على التشكك فقط بأن نرفض الديكتاتورية أو العلاقات القائمة . لدينا هنا في الولايات المتحدة بالفعل ما يعنيه رفض الديكتاتورية , و بالنسبة للأغلبية , فإنهم يعرفون أن مجتمعنا ينكر الكرامة و التحقق الإنسانيين .
يمكننا فقط أن نكتسب قوة كافية لكي نحظى بانتصارات نحتفل بها ليس فقط إذا رفضنا المؤسسات المحددة للمجتمع , بل أيضا إذا طورنا اعتقادا مشتركا , أملا مشتركا , و رغبة قوية مشتركة , فيما يتعلق بالمؤسسات التي نريد أن نستبدلها بها .
هذه الملاحظة واضحة . لكن معناها ( دلالتها ) بالنسبة لما يجب علينا فعله لكي نكسب عالما أفضل – أي استخدم عقولنا و طاقتنا لننهض بتصميم تعززه المعرفة ليس فقط في سبيل مكاسب آنية مؤقتة بل عوضا عن ذلك أيضا في سبيل غاية ( هدف ) إيجاد طريقة حياة جديدة في مجتمع جديد – تتبخر ( تتلاشى ) في مواجهة ما نختار أن نفعله في الواقع .
لو أننا تحركنا بقناعة حقيقية , و رغبة , في أن نحصل نحن أيضا على لحظات احتفالنا , لكنا قد طورنا رؤية , و بدأنا بتطبيقها في الحاضر , و كسبنا الدعم لها بالنقاش ( الحوار ) , و بقوة المثال , و بممارسة الباع الطويل في تحقيق مكاسب جزئية تتوافق مع خوض معارك أكبر لاحقا .
عندما تتحقق الثورة في بلد ما لا يمكن نسخ طريقته في الثورة حرفيا من بلد آخر . هناك الكثير من الاختلافات بين البلدان أمام مثل هذا النسخ المجرد . لكن يمكننا أن ننظر و أن نقرر ما الذي جرى على مستوى أكثر عمومية في مصر , و ما الذي أنتج هذا التغيير العام – مكتشفين ليس فقط الأفعال القريبة أو حتى البعيدة المدى , بل نوع التغيير في التفكير و الإحساس بين الناس – و عندها يمكننا أن نسأل , مهما بدا ذلك صعبا , و أيا كان طويلا الوقت الذي قد يأخذه ذلك – ما الذي يمكننا أن نفعله هنا في بلدنا بحيث أن سيؤدي بنا إلى ذلك النمط الواسع من التغيير في التفكير و الإحساس , حتى و نحن نواجه العقبات في طريقنا , لكي نحصل على مستقبل أفضل نستحقه .
هذا هو الدرس المصري حتى اليوم , و أرجو أن يصبح حتى أكثر وضوحا و اكتمالا مع مرور الأسابيع .

مايكل ألبرت ( ولد 1947 ) ناشط و كاتب أمريكي , من مؤسسي موقع و مجلة ز نت التقدمية , كان ناشطا في الحركة الطلابية ضد حرب فيتنام في الستينيات , مؤلف كتاب الحياة بعد الرأسمالية .

نقلا عن http://www.zcommunications.org/can-washington-be-cairo-by-miclael-albert

Be the first to comment.

Leave a Reply

You must be logged in to post a comment.